تقرير: وفاء قشبال/الرباط
بقاعة العروض المهدي بنبركة بالرباط، عرضت فرقة مسرح الحال مسرحيتها “الهياتة”مساء أمس الميس 10 نونبر 2016، في إطار الايام الثقافية التي ينظمها المجلس البلدي لمدينة الرباط على مدى أيام 11ـ12ـ13و 14 نونبر 2016.
عرض الهياتة، تميز بقوة الرسائل الانسانية التي ضمنها المؤلف المغربي حسن مجاهد هاته المسرحية و نجح المخرج عبد الكبير الركاكنة الى حد كبير في تجسيد ها في قالب هزلي ساخر، سهل ربما تمريرها و جعل الجمهور يستصيغها ويتجاوب معها خلال جل مشاهد المسرحية ، وخاصة تلك التي تقف فيها الفنانة فاطمة بوجو في دور (المحامية) التي تتدخل ففي كل مرة لشرح بعض الفصول القانونية من مدونة الأسرة و المتعلقة تحديدا بالتعدد. فكانت الفنانة”بوجو” وكأنها وجدت ذاتها بهذا الدور (دور المعلم، المرشد، الموجه) فأدته بأريحية و تلقائية كبيرتين.
الممثل المتجدد أحمد بورقاب في دور الخادم و زوجته “نزهة عبروق” في دور الخادمة ، نجحا معا في خلق ثنائي كوميدي هو محور مشاكل الأسرة و ملجأ سيدة البيت لحل ما استعصى عليها من هاته المشاكل .
سيدة البيت أو الحاجة هنية لم تكن إلا الفنانة المخضرمة نزهة فريدو التي كانت الشخصية المحورية بالمسرحية، و التي تتولد منها الاحداث و تنتهي عندها.
شخصية الرسام (عادل) التي لعبها باقتدار عبد الكبير الركاكنة كانت هي صوت الفنان المغربي الذي كان ولايزال يعاني من التهميش من جهة، و سوء ممارسته لمفهوم الحرية من جهة أخرى، هذا فضلا عن نكران الجميل، و الغرور … إلى حد التعالي على زوجته “و التفكير في طردها بعد اشتهار لوحاته (…) من جهتها الزوجة “حنان الممرضة، كانت هي النموذج الإيجابي للأطفال المتخلى عنهم، حيث تربت بين أحضان مؤسسة خيرية و استطاعت ان تدرس و تصبح ممرضة محترمة، والأكيد أن هدوء ملامح “هند ظافر” يساعدها بشكل كبير في أداء هذا النوع من الشخصيات المحملة بعواطف دفينة كالاحتياج لحضن الأم و الاسرة الذي تثيره المسرحية .علما أن “هند ظافر”تنقلت في ذات الدور من الممرضة إلى شخصية مديرة أعمال زوجها الرسام ثم شخصية الزوجة التي تقف في وجه زوجها ،عندما ساءت سلوكاته بعدما أصبح رساما معروفا ،إذ تنكر لأخته و لزوجته التي بدأ يستعر منها و قرر طردها من بيته، قبل أن تختتم المسرحية بمشهد تراجيدي يعترف فيه الخادم بأنه الأب الحقيقي لعادل، الذي قرر العمل لدى الحاجة هنية عندما علم بأنها تبنت ابنه و أخذته من مقر الخيرية التي وضعه بها لفترة ، ثم اعترفت زوجته هي أيضا بأمومتها لابنتها “حنان” … هاته الفوضى المجتمعية / الاسرية هي ما عبر عنه مخرج المسرحية عبد الكبير الركاكنة لكبيطال بريس عندما سألناه لماذا عنوان “الهياتة”؟، حيث قال : المسرحية تتحدث عن أسرة ليس فيها إيقاع لا توجد بها تلك “لارموني” الابن يعيش مع أبيه و لا يعرفه و البنت مع أمها و لا تعرفها “كل واحد في واد ما كاينش ايقاع”،بالمقابل “الهيت” هو تراث وطني لو إيقاعات جميلة جدا.
عموما مسرحية الهياتة تناولت ظاهرة الاطفال المتخلى عنهم و هو مشكل كبير جدا لا يحسه إلا الأطفال الذين يولدون خارج مؤسسة الزواج و احيانا حتى داخلها، ليجدون أنفسهم مودعين بين الأسوار الإسمنتية للمؤسسات الخيريات، مفتقدين تماما حضن الأم الدافئ و الأب الحنون. هذا فضلا عن التذكير ببعض فصول مدونة الأسرة وتبسيطها .. وهاته على العموم هي رسالة المسرح الفضلى( التثقيف و التوعية و الإمتاع)