اليوم الوطني للمرأة هبة ملكية و ” المناصفة ” حق دستوري

بقلم : وفاء قشبال

 

بالإضافة لليوم العالمي، تحتفل المرأة المغربية بيومها الوطني، في العاشر من أكتوبر من كل سنة ،وبهاته المناسبة وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية لا تتخلف قط عن الاحتفال بهاته المناسبة النسائية الوطنية، على الأقل  خلال الخمس سنوات الأخيرة … إنما السؤال المطروح ، هل ثقافة الاحتفالات والأيام العالمية والوطنية، مؤشر حقيقي، يعكس تنامي الوعي العام بحقوق المرأة، ودورها الراسخ في تنمية المجتمعات والأمم منذ الأزل ؟؟؟ والواقع أنه بمجرد خروج شهر أكتوبرأو شهر مارس تعود المرأة المغربية لمعاناتها مع العقلية الذكورية السائدة ، بالعالم القروي كما في المجال الحضري ـ بنسبة أقل ـ  ، و في البيت كما في الشارع …ولا أحد يظل يتحدث عن “المناصفة”ومناهضة التمييز والإقصاء والعنف ضد المرأة، سوى جمعيات الحركة النسائية.

ومن هذا المنطلق ، فاليوم الوطني  للمرأة ما هو إلا  شكل آخر،  من أشكال استغلال المرأة المغربية، و فرصة مواتية  أيضا، لتبييض وجه المغرب أمام المنتظم الدولي ، والترويج لصورته كبلد  ديمقراطي ، يحترم المرأة إلى حد الاحتفاء بها ضمن يوم وطني خاص!!

وإن كان العاشر من أكتوبر هبة ملكية، تفخر بها كل نساء المغرب، ومناضلات الحركة النسائية تحديدا، فنحن نأمل أن يتحول ـ بالفعل ـ إلى موعد سنوي لتسليط الضوء على ما تحقق من مشاريع  تنموية  لصالح المرأة القروية ،بالمداشر والجبال..  و فرصة لتقييم  حصيلة   الحركة النسائية في درب نضالها  الديمقراطي  ، و أيضا محاسبة كل المسئولين عن القطاع النسائي بالمغرب، تنزيلا للدستور، الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة.خاصة و أن الحصيلة الأبرز ـ منذ  ولادة الحركة النسائية بالمغرب ـ لم تتجاوز إحراز  مكسبين اثنين لازالت الآراء متضاربة بشأنهما ، أولهما إخراج مدونة الأسرة إلى حيز الوجود ، علما أنها  إلى اليوم تعاني التطبيق السليم، كما أن الكثير يتهمها ـ عن سوء فهم ـ  بارتفاع نسب الطلاق  من جهة، و بتكريس العزوف عن الزواج من جهة أخرى. و ثانيهما ، مكسب دستوري يتجلى في نبذ التمييز ضد المرأة وإقرار مبدأ المناصفة، وحتى هذا المكسب ، الكثير ينسبه لأبيه الشرعي “الربيع العربي” وليس وليد النضال النسائي الصرف. وبهذا الخصوص، نتفق جميعا  على أن دستور  2011  ، جاء متقدما جدا وحمل ضمانات كثيرة لصالح المرأة، إنما الأهم هو البحث عن آليات الإعمال والتنزيل، وهو الشعار الذي رفعته الوزارة الوصية منذ السنتين، وبالضبط عندما راهنت وزارة الحقاوي” على استحداث “هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة”، من أجل التنزيل الفعلي للدستور، وفق رؤية تشاركية، يتوافق عليها كل الشركاء المعنيين بقضايا المرأة، بالإضافة إلى إخراج قانون “محاربة العنف ضد المرأة” إلى حيز التطبيق . إنما الواقع أنه من دون مقاربة تربوية/ مجتمعية واضحة، تهدف إلى القطع مع فكر العنف والتعنيف، بدء من التأطير والتوعية العائلية إلى وقف العنف الأسري و منع ثوريته للأجيال القادمة، إلى جانب التربية على المساواة بين الأبناء جميعا داخل الأسرة ، وهنا ينبغي للإعلام  أيضا أن يلعب دوره كاملا كإعلام عمومي “مواطن” يقدر رسالته التوعوية، كذلك العمل على تقوية آليات المجتمع المدني للإسهام في العملية”التربوية”، أضف إلى ذلك المدرسة، والمناهج التربوية،التي يجب أن تهيأ بهدف الدفع بمفهوم “المساواة بين الجنسين” و تحترم خصوصية كل منهما على سبيل الإيجاب ، مع الحرص على عدم تقديم المرأة في وضعية نمطية أو دونية ، لنصل بعدها إلى مرحلة التعديل من قانون الانتخابات ، والرفع من قيمة”الكوطا” للنساء، وتمثيليتهن داخل الأحزاب و المجالس المنتخبة …. وكي لاهاته هي المقاربة المندمجة التي من شأنها النهوض بأوضاع المرأة المغربية عموما. و حتى لا نسقط في فخ من الأسبق هل الدجاجة أم البيضة ؟   

بصيغة أخرى ، لابد من وجود ترسانة قانونية نحتكم إليها  في التوعية والتحسيس، قبل الزجر والعقاب، ولابد من  استحداث الهيئات والمجالس المعنية ، مع توظيف الإعلام التوظيف الصحيح، وتعديل المناهج التربوية، وكذا تعزيز جهود العمل الجمعوي، الساعية إلى تحقيق التنمية الاجتماعية والأسرية على وجه الخصوص. كلها إجراءات عملية ينبغي أن تنطلق جنبا إلى جنب فقط ، تلزم إرادة سياسية “مواطنة” من أجل تحريك عجلة هذا الإصلاح المجتمعي نحو الأمام.

فهل نحتفل بحصيلة مشرفة في العاشر من أكتوبر المقبل بحول الله ؟؟؟

تحية إجلال وتقدير للنساء المغربيات أينما كن، و لكل امرأة تحمل بين ظهرانيها قضية إنسانية  نبيلة.

شاهد أيضاً

“آخر المعجزات” نص مفتوح

عبده حقي أتجول بين كروم الوجود المتشابكة، حيث تتشبث المعجزات بحواف الواقع مثل الندى على …