منطقة بروكا ليست نقطة ارتكاز النطق او الكلام

 

هيكس ديفو

 

جراح أعصاب بمونبوليي ، مخصص في بتر الاجزاء السرطانية في الدماغ لمرضى يقظين . حاصل على جائزة اوليفركونا سنة 2010 وهي جائزة لجراحي الأعصاب وازي قيمها جائزة نوبل. ألف كتاب “خطا بروكا”، أعاد من خلاله البحث والتساؤل حول عدة أفكار ترتبط بالدماغ، خاصة منها ما اشتهر بتسميته علميا “منطقة بروكا” ، والتي ليس من خاصيتها الكلام .

نقدم* فيما يلي ترجمة للحوار الذي أجرته مجلة  لوبوان مع العالم الجراح.

لوبوان**: كيف اكتشفتم ان منطقة بروكا غير موجودة ؟

هيكس ديفو: لقد عملت على إزالة ما يسمى منطقة بروكا لأكثر من   150 مصابا بالسرطان ، بدون ان يكون هناك انعكاس على النطق او الكلام.من هنا استنجت انه لاوجود لهذه المنطقة كما تم تحديدها ، كموضع يتحكم في وظيفة . وقد تبين لي من خلال فحوصاتي للمرضى ،انهم لا يعانون  من مشاكل النطق. وهذا يعني انه وهم مصابون بالسرطان ، فان أدمغتهم أعادت ترتيب الروابط العصبية ، وبالتالي يمكن التأكيد انه ليس هناك وفي اي حالة موضع بالدماغ خاص بعمل معين . هناك بالأحرى شبكة فسيفسائية لمناطق متصلة و مترابطة عبر ما نسميه الياف بيضاء، حتى انه اذا نزعنا جزءا من الدماغ ، فانه من الأساس الحفاظ  على هذه الالياف لتقوم الشبكة بمهمة التعويض . اننا هنا امام اقصى درجات المرونة العصبية .

 

لوبوان : هل ما تعلق بمنطقة بروكا يتعلق بباقي المناطق ؟

هيكس ديفو : نعم بالنسبة لجميع المناطق . نزعت فصوص جبهية مرتبطة عادة بالذكاء لأكثر من  200 مريض ، ولم يؤثر ذلك على قدراتهم الفكرية . انه بروكا من اخترع تحديد الموضع ، كان ذلك سنة 1860 ، وكان هذا الاختراع بمثابة  حقيقة مطلقة من طرف علماء الاعصاب . لكن يجب تطوير العمل على مقاربات تعتمد اكثر على  الوصلية او الترابطية للنظام العصبي المركزي. فمثلا بالنسبة للكلام هناك اتجاهين : اتجاه ظهري الذي يمر من الفص الجداري والذي يتدخل في الصوتيات واتجاه بطني يمر من الفص الصدغي ويتدخل في المعالجة الدلالية للمعلومة .لا اتكلم عن مناطق جغرافية ، ولكن عن اتجاهات معقدة متفاعلة متوازية ، قادرة الى حد ما تعويض الضرر . ولكن اذا بترنا احدى المنطقتين ، فسيكون لذلك تأثير سلبي لامحالة. ما يهمني الرؤية الكلية و الفعالة للدماغ.

لوبوان : لهذا السبب تقومون بجراحة المرضى وهم في حالة يقظة؟ هيوكس ديفو: لم آت بجديد .ظهرت الجراحة في حالة اليقظة مع الكندي بينفيلد . انها تسمح بمعرفة ان وظيفة معينة تتم عبر الشبكة المعنية. من اجل فتح الجمجمة ، يجرى تخدير عام . ثم اخر لازالة السرطان . ونظرا لافتقاد الدماغ لعصبونات مستقبلة ، فان المريض لا يشعر باي الم مما يتيح للمريض ان يلعب دورا رئيسيا في توجيهنا اثناء العملية الجراحية. اننا نطلب منهم أن يتكلموا ، أن يقوموا بعملية العد ،ان يتذكروا ،او ببساطة ان يرفعوا دراعهم . وخلال هذا الاختبار ، اقوم بعملية مسح بواسطة مثير كهربائي لسطح دماغهم ،لتحديد اين يمكنني التدخل جراحيا . اذا اثرنا شبكة مرتبطة بمدخل لغوي لبناء الجمل ،وقال المريض خطأ “هي” ***عوضا عن الضمير”هو”،فاني اقرر عدم المساس بهذه المساحة.اجريت مايقارب  600 عملية ، لمرضى اعمارهم مابين 16 و 77 سنة ، نسبة°/99 منهم دون مخلفات ميؤوس منها . وقد انجزت خرائط فردية للدماغ لتحديد الشبكات ، وقد علمتني ان لدينا ادمغة متقاربة في حدودها الادنى ، ولكن لا دماغ يشبه الاخر . لهذا لا وجود لمنطقة تحمل اسم “بروكا”  .

* حاولنا تقديم هذه الترجمة دون اي تعليق ، نترك للقارئ المختص او المتأمل التساؤل لماذا يعتقد الجميع ان نظرية ما تسيطر تماما على الفكر الانساني لمجرد ربطها بمصطلح “علمية” ؟

**   Le Point hors -serie

***استعملنا الضمائر “هي” و “هو” مقابل مثال ديفو : un maison عوض une maison لان في العربية اداة التعريف “ال” تستعمل للمذكر والمؤنث واضافتها أو ازالتها هي التي تجعل الاسم معرفا او نكرة بينما في الفرنسية فان ادوات التعريف والجنس LE-LAاو  UN-UNE  منفصلة عن الاسم.

 

 

                                               ترجمة احمد العبيد

 

شاهد أيضاً

“آخر المعجزات” نص مفتوح

عبده حقي أتجول بين كروم الوجود المتشابكة، حيث تتشبث المعجزات بحواف الواقع مثل الندى على …