كبيطال بريس:
قرر محمد الصديق معنينو المسؤول السابق بوزارة الاتصال وقيدوم الصحافيين وأحد مؤسسي التلفزيون المغربي، توجيه رسالة إلى الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يطالبه من خلالها توقيف برنامج “نقطة إلى السطر”، الذي تعده و تقدمه الإعلامية صباح بنداوود (62 عاما)، لأنه وحسب وصفه للبرنامج يعد “نقطة ظلام” في التلفزة المغربية، كما أنه سيطالبه من خلال الرسالة ذاتها بفتح بحث حول ما اعتبره تلاعبا واعتداء على الحلقة المسجلة التي تم بثها مساء الثلاثاء 1 مارس الجاري، وإعادة بث الحلقة الحقيقية التي تم تسجيلها بدون مونتاج أو حذف أو تزوير على حد وصفه. وعلمت “الأنباء بوست” عبر تسجيل صوتي اطلعت على مضمونه، أن القناة الأولى كانت قد وجهت دعوة لمحمد الصديق معنينو بمناسبة الذكرى 60 لتأسيسها، من أجل المشاركة في برنامج تحت مسمى نقطة الى السطر، وقد تم تسجيل هذا البرنامج باستوديو القناة يوم الاثنين آخر يوم من فبراير الماضي، وتم بث الحلقة مساء يوم الثلاثاء 1 مارس الجاري. وخلال بث حلقة نقطة إلى السطر، تفاجأ الصديق معنينو على أن الحلقة التي تم تسجيلها ليست هي التي تم بثها، واكتشف أنه تم حذف جميع الاقتراحات وجميع الانتقادات التي وجهها للتلفزة المغربية عبر البرنامج، وكل ما يتعلق بالنقاش والحوار الذي كان جديا وطويلا، بحيث أن الطرف الآخر كان يدافع على أطروحة معينة، بكون التلفزة المغربية وصلت إلى درجة الكمال، وأنها أحسن تلفزة في العالم العربي،وأنها الوحيدة التي لها المصداقية.
فيما الصديق معنينو كان يرد، بأنه لا بد من قبول الرأي الآخر، ولا بد من إعادة تقييم الوضعية بعد ستين سنة، ولابد من الاستماع إلى الناس وإلى اقتراحاتهم وإلى انتقداتهم. ويضيف التسجيل الصوتي ذاته الذي يعود إلى معنينو: “كل هذا كان موجودا ضمن التسجيل الأول، لكنه وقع عدوان على الحلقة، وتم غسلها وتنقيتها بطريقة بليدة ومتخلفة، إذ جميع ما قيل تم حذفه، ليظهر في الحلقة كما لو أنه جاء ليقول لهم أنتم بلغتم القمة في التلفزة وإنكم حققتم انجازات”.
واكتشف معنينو أيضا أن الحلقة التي تم بثها خرجت على نطاقها الأصلي الذي تم تسجيله، وقدم مسؤولو القناة، حلقة للمشاهدين فيها تزوير وفيها مس بكرامته ومصداقيته، ليفهم على أن الذين يشرفون على القناة لديهم اقتناع بأن من حقهم أن يراقبوا ما يقدم للشعب المغربي، وأنهم أوصياء وأولياء على النظارة، وهم الذين يعرفون ماذا يمكن للمتتابعين أن يشاهدوه ويسمعوه.
ووصف معنينو هذا الفعل بالبلادة في التعامل، والتخلف في التفكير الذي لازال معشعشا في التلفزة المغربية، وتأسف على أنه في الذكرى الستين للتلفزة يقع هذا المونتاج، الذي وصفه بالسخيف والدنيء، وهذا التعامل غير المبرر مع أفكار بسيطة عادية تمرر في كل تلفزيونات العالم كيف؟ ولماذا وقع ذلك؟ وما هي خلفياته؟
رت العادة أن البرامج السياسية تكون مباشرة على غرار برنامج “حوار” الذي كان يعده ويقدمه مصطفى العلوي، وبرنامج “قضايا وآراء” الذي كان يقدمه عبد الرحمان العدوي، و”ضيف الأولى” الذي كان يقدمه التيجيني، لكن برنامج “نقطة إلى السطر” الذي تعده وتقدمه صباح بنداوود يقدم للمشاهدين مسجلا، وبحسب مسؤولي القناة أن الأمر يرتبط بما هو لوجيستيكي، ما يجعلهم عاجزين على تقديمه مباشرا، لكن ظهر أن الأمر ليس كذلك، بل يتعلق بمقص الرقيب الذي فضح كواليسه محمد الصديق معنينو، حينما تم حذف كل انتقاداته التي وجهها للتلفزة المغربية، وظهر وكأنه مطبل للتلفزيون، وهو المعروف دائما بمواقفه الشفافة التي أضحت السلطات العليا في البلاد تريد سماعها، فيما أبناء الدار يحملون مقص الرقيب..
صباح بنداوود معدة ومقدمة البرنامج اعتبرت بأن الصديق معنينو مجرد حائط قصير ويمكن أن تمارس عليه ما اعتادت أن ينطلي على المراهقين السياسيين، متناسية أنها كانت تحاور هرما وأحد صناع التلفزيون المغربي، الذي وبفضل حنكته حصل على عدة أوسمة، من بينها وسام العرش من درجة فارس، ووسام العرش من درجة ضابط، ووسام المسيرة الخضراء، ووسام الجمهورية الإيطالية من درجة فارس، ووسام المملكة الإسبانية من درجة فارس، تناست صباح كل ذلك، دون أن تدري بأنها ارتكبت خطأ مهنيا جسيما بغية تقديم هدية بهذا الشكل لولي نعمتها فيصل العرايشي، الذي عينها قبل أشهر مديرة للإذاعات…
صعود غير مفهوم قبل تقاعدها. العارفون بخبايا دار البريهي، يقفون وقفة المتأمل المتسائل عما يجري داخل هذه الدار من أمور يلفها الضباب والغموض، فصباح بنداوود تمت ترقيتها قبل أشهر من تقاعدها، والمستغرب أنها اقتربت من التقاعد، ورغم ذلك منحها فيصل لعرايشي إعداد وتقديم برنامج “نقطة إلى السطر”، وقد يكون ذلك مرده إلى كونها قد قدمت له خدمات في الإنتاج وتدافع عن صورته.
يعلم من هم على اطلاع بكواليس الشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة، أن صباح بنداوود هي عضو بلجنة الانتقاء، وما أدراك ما لجنة الانتقاء التي تشبه البقرة الحلوب، ومن أجل إبقائها ضمن اللجنة فإنها تقوم بالمستحيل لبقائها، لكن السؤال المطروح في هذا السياق، كيف أن دفتر تحملات الإنتاج الذي وضعه مصطفى الخلفي وزير الاتصال الأسبق، يقول في ما معناه أن أعضاء اللجنة المذكورة يمدد لهم سنة واحدة تنضاف إلى سنتين، أي ثلاث سنوات في المجموع، إلا أن صباح هي عضو باللجنة ذاتها لمدة ست سنوات؟ تم التمديد لها مرة واحدة في الإطار المعمول به، وبعدها تم هناك تعديل من أجل إبقائها، وهذا يعد ضربا صارخا في عمق الديمقراطية، إذ جميع اللجان في العالم محددة بالزمان. ليبقى السؤال العريض الذي حتما سيجيب عنه كل لبيب بالإشارة، لماذا؟ (…) تمديد بعد التقاعد يصطدم بمسطرة رئيس الحكومة صباح بنداوود التي تعد أستاذة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، والتي ارتكبت خطأ مهنيا جسيما في حق الصديق معنينو، وصلت لسن التقاعد، وكانت لها محاولة لطلب التمديد لكن محاولتها باءت بالفشل، لأن المسطرة في هذا الباب يقول مضمونها أنه في حالة أن الإدارة رغبت في التمديد لأي مسؤول عمومي، فإن الشرط هو موافقة رئيسه، وفي حالة صباح فقد وافق فيصل العرايشي، وحسب مصادرنا فإنه راسل مديرية الموارد البشرية للتمديد لها، لكن اصطدم ذلك بشرط ضروري هو أنه يجب أن تكون هناك رسالة مختومة موجهة إلى رئيس الحكومة، سنة قبل الإحالة على التقاعد، وهذا الشرط لا تتوفر عليه صباح، وبحسب مصادرنا أنه يراد التلاعب بهذا الشرط ويتم التمديد لها، في الوقت الذي توجد هناك طاقات شابة لها كفاءة عالية ومواكبة لتطورات الاعلام تنتظر دورها للحصول على فرصة عمل، وهنا يجب على الجهات المسؤولة ذات الصلة أن تفتح هذا الملف…
صحيح أنه من الضروري الاستعانة بأصحاب الخبرة في هذا الصدد، لكن ما نراه هو أن عقود التمديد كثيرة للمتقاعدين والمتقاعدات والقناة الأولى تتراجع يوما عن يوم إلى ما قبل 60 سنة، إذن هناك خلل وينبغي إصلاحه. إن السلوك الذي تعامل به المشرفون على برنامج “نقطة إلى السطر” يمكن تجاوزه مع مبتديء في السياسة، لكن من غير المقبول أن يتم ذلك مع مرجع وهرم في التلفزيون مثل القامة الكبيرة، محمد الصديق معنينو، وفي هذا الصدد استغربت أوساط اعلامية، حذف الحلقة من اليوتيوب، ليبقى السؤال الباحث عن إجابة، هل حذفها هو شعور بالخطأ أم استدراك لنشر الحلقة التي لم يمسها مقص الرقيب؟
عن موقع “حاتم”