بقلم وفاء قشبال
هل كتابة السيناريو من المهن السينمائية المستقلة عن غيرها ؟؟ أم تحتوي بعض المهن السينمائية الأخرى ؟؟
وهل على كاتب السيناريو أن يكون مخرجا و مدير تصوير ؟؟ أم هو مبدع متخصص في كتابة حوار ومسار شخصياته و انتهى الأمر ؟؟ أسئلة جوهرية غالبا ما تفرض نفسها كلما ورد النقاش حول الـ”سيناريست” و كثيرا ما تنقسم الآراء إلى صنفين ، و إن كانت هاته الآراء ليست متضاربة في حقيقة الأمر و إنما تبدو كذلك فقط ، كيف ذلك ؟؟؟
الجواب ببساطة شديدة ،الرأي الذي يقول أن السيناريست فيه المخرج ومدير التصوير هو عين الصواب.
في نفس الوقت ليس مخطئا البتة من يرى السيناريست متخصصا في مجاله، احتراما لكل مهنة على حدة، وكذا احتراما لاختصاصات كل من المخرج، مدير التصوير،و السيناريست نفسه، وعدم تداخلها و إن كان تداخلها و تكاملها الفعلي هو ما يسفر عن منتوج بصري يدعى فيلما”
ومؤيدو هذا الرأي ينطلقون في الغالب، من منطلق تقني محظ، بمعنى أن “السيناريست” مهنيا و تقنيا ليس مخرجا و لا مدير تصوير وليس دارسا ولا ممارسا لمهنة الإخراج و لا التصوير، وليس ملزما بذلك. وللتوضيح أكثر، فكتابة السيناريو هي شكل من اشكال الكتابة الابداعية،والتي تتطلب كغيرها من الاصناف الابداعية، الموهبة والقدرة على التخيل اولا وقبل كل شيء،و بمعزل عن اي مهنة. هذا من زاوية.
ومن زاوية اخرى، فمعروف ان كتابة السيناريو تتم أصلا عبر تقنيات خاصة تجعل من السيناريو بالضرورة “كتابة بصرية” تميزه عن غيره من الأصناف الابداعية الأخرى ، وبالتالي فإن أتقن “السيناريست” مهمته ككاتب سيناريو محترف، سيجد نفسه قد وظف تلقائيا، أدوات المخرج و مدير التصوير دون تكلف، وهنا سنتفق مع مؤيدي الرأي الأول ممن يرون في الـ”سيناريست” مخرجا و مصورا ، أي ان السيناريست يتملك أدوات المخرج و المصور، بل إن توظيف هاته الأدوات هو ما يجعل السيناريوهات تصنف إلى محبوكة و ناجحة سينمائيا و العكس صحيح . إنما بالمقابل أيضا، يلزم أن نشير هنا إلى أنه رغم تملك السيناريست لهاته الأدوات ، فالأمر لا يتجاوز مجرد استحضار هاته التقنيات و الأدوات اثناء الكتابة.و لا يمكنها أن تسعفه في التنفيذ التقني داخل بلاطو التصوير لا على مستوى الإخراج و لا بخصوص التصوير، إلا إذا كان دارسا ،متمكنا من فني الإخراج أو التصوير أو هما معا.
ونخلص إلى قول، أن السيناريست الناجح هو مخرج ومصور غير منفذ، بل على الاكثر من ذلك،اذ يمكن اعتبار ان تقنيات وادوات المخرج و مدير التصوير هي في الواقع أدواته أيضا وهي بمثابة قواعد أساسية لكتابة السيناريو كتابة بصرية” متقنة،وبدونها يولد هذا الأخير ناقصا،ضعيفا ومشوها ، قد يشبه أي جنس أدبي اخر غير السيناريو .
وقبل الختم لابد من التأكيد على أن التجارب السينمائية أثبتت أيضا أن المخرج الناجح ليس بالضرورة قادرا على كتابة سيناريو ناجح سينمائيا
ولمن يبغي التعرف على السيناريست هاته مواصفاته :
موهوب مثقف ، و على خلق، موسوعي المعرفة ، قادر على التحليل و التفصيل، متفاعل مع بيئته و محيطه العام ، مبدع في حكيه و كتابته ، قادر على الحكي بالصور بعيدا عن نسخ و لصق صور واقعية او الوقوع في فخ الكتابة الأدبية، فينبغي أن يكون متمكنا من اللغة السينمائية ،و على دراية بالمدارس و الاتجاهات السينمائية لأنها القواعد و المعايير التي تجعل من السيناريست يتميز عن الحاكي أو الراوي العادي و بدون اهتمامه بالقواعد التقنية و المهنية، سيكون مجرد حاكي و هناك بالفعل من اعتبر أن “كتاب السيناريو هم حفدة الحاكون” وبحكم أن الحكي مشاع بين الناس كونيا، فالجميع له القدرة على الحكي، وفقط السيناريست من يستطيع الحكي و التعبير عن طريق الصورة. وبقدر ما يصعب تحديد قاعدة واحدة و موحدة لكتابة السيناريو ، بقدر ما يصعب إعطاء تعريف دقيق للسيناريست أو كاتب السيناريو.