كبيطال بريس :
أسبوعين من الاحتفالات بمناسبة مرور 25 سنة من المفاوضات بدون الخروج بنتائج ملموسة على أرض الواقع، اللهم القليل الالتزامات التي توقع من الدول الأطراف في الاتفاقية الإطار للتغيرات المناخية، بينما مع انطلاق أشغال قمة المناخ غلاسكو في نسختها السادسة والعشرون، أطلق رؤساء الدول المشاركة في القمة تحذيرات شديدة اللهجة بخصوص تطرف ظاهرة تغير المناخ مؤكدين أن القمة تشكل الفرصة الأخيرة وقمة الأمل الأخير لإنقاذ العالم وإنقاذ كل ما يمكن إنقاذه من هذه الظاهرة المدمرة التي ستغرق مدنا بأكملها بل وستحرق غابات بكاملها وستجفف مئات المناطق الرطبة عبر العالم، في مقابل ذلك وصل ممثلو ما يقرب من 80 دولة من أصل 200 دولة مشاركة في مدينة غلاسكو الأستكنلدية والذين سيجتمعون على مدار أسبوعين لخوض مفاوضات بشأن خفض الانبعاثات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى التغير المناخي، وصلوا إلى أن هذه الظاهرة جعلت الكوارث الطبيعية أكثر خطورة في السنوات الأخيرة، وخرجوا يوم الثلاثاء الماضي بالتزامين اثنين الأول يهم الخفض من انبعاثات غاز الميثان بنسبة ثلاثين في المائة في أفق 2030، بينما التزم ممثلو 100 دولة باستعادة النظم الايكولوجية الغابوية والمحافظة عليها، بما فيها غابات كندا، وغابات الأمازون، وغابات إفريقيا الاستوائية، الناشطة المناخية غريتا تونبرغ اعتبرت قمة المناخ غلاسكو مجرد احتفالية عالمية تقدم فيها الدول العظمى الأكثر تلويثا الكثير من الكلام المنموق والمغلف بالتزامات لن تنفذ لا عام 2030، ولا عام 2050، في مقابل ذلك أكد بوريس جونسون رئيس بريطانيا الذي على أن ساعة نهاية العالم تدق، فالمحركات والمضخات التي نضخ من خلالها الكربون في الهواء تتسب في أضرار كبيرة للكوكب وزيادة درجات الحرارة في الأرض بسرعة كبيرة، رئيس الوزراء البريطاني أشار إلى أن: “استمعنا إلى العلماء وعلينا ألا نتجاهلهم، مع ارتفاع درجة الحرارة أكثر من درجتين مئويتين نخاطر بالإنتاج الغذائي والجراد سيجتاحنا، وإذا ارتفعت درجة الحرارة بأكثر من 3 درجات مئوية فقد تتزايد أعداد الأعاصير والفيضانات والجفاف وموجات الحر بينما إذا ارتفعت درجات الحرارة بأكثر من 4 درجات مئوية قد تغيب مدن بأكملها مثل الإسكندرية وشنغهاي وميامي وغيرها من المدن التي ستضيع تحت أمواج البحر، حيث إذا كان مستوى سطح البحر يرتفع فذلك بسبب الاحتباس الحراري حيث لا يوجد شك ولكن على عكس ما قد يعتقده الجميع بشكل حدسي فإن ذوبان الجليد ليس هو السبب الوحيد لارتفاع المياه بل يساهم التمدد الحراري أيضا بشكل كبير في هذا، حيث ترتفع مستويات سطح البحر بمعدل متوسط يبلغ 3.3 ملم سنويا، ووفقا لبعض الخبراء يمكن أن ترتفع عدة أمتار في المستقبل البعيد، فمن حين لآخر يمكن أن تتسبب الأحداث المناخية مثل النينيو والنينيا في ارتفاع أو انخفاض مستوى سطح البحر والمحيطات. في الواقع، خلال فترات النينيو، تتركز الأمطار في المحيط الهادئ الاستوائي وتكون نادرة في القارات المجاورة، مما يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في مستوى المياه، وعلى العكس من ذلك، فإن ظاهرة النينيا، عندما تحدث، تولد المزيد من الأمطار على الأرض أكثر من البحر.
ومنذ عام 1993 أكدت بيانات الأقمار الصناعية أن مستوى سطح البحر يرتفع باطراد زيادة غير موزعة بالتساوي على هذا الكوكب وهكذا في بعض الأماكن مثل الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، يرتفع المستوى بينما ينخفض على جانب البحر الأيوني، ويحذرنا بعض العلماء بخصوص مستويات البحر والمحيطات يمكن أن ترتفع من متر إلى ثلاثة أمتار بحلول عام 2100 بسبب الاحترار العالمي المستمر، إن ذوبان الأنهار الجليدية القارية والتوسع الحراري للمحيطات هما العاملان الرئيسيان في هذا الارتفاع.
الظاهرة الأولى والأكثر بديهية، هي إذا تسبب ارتفاع درجات الحرارة في ذوبان الجليد الموجود في القارات الخمس من الغطاء الجليدي القطبي في القطب الجنوبي وفي جبال الألب والأنهار الجليدية في الأنديز، فإن المياه المحتجزة في هذا الجليد سينتهي بها الأمر في المحيطات: زيادة حجم الماء سوف يتسبب ميكانيكيا في ارتفاع مستوى سطح البحر، هناك عدة أسباب يمكن أن تفسر ارتفاع مستوى سطح البحر، الأول هو ذوبان الأنهار الجليدية والأغطية القطبية القارية بسبب ارتفاع درجة الحرارة، والثاني، الأكثر نشاطا وفقا لتوقعات الخبراء إذا ذاب كل الجليد في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند سيرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 70 مترا من ناحية أخرى، فإن ذوبان الجليد والجبال الجليدية، التي تطفو على البحر لن يغير هذا المستوى بمقدار ذرة واحدة وفقا لمبدأ دفع أرخميدس، بينما لا يعتبر ذوبان الجليد العامل الوحيد في ارتفاع منسوب المياه، يلعب التمدد الحراري أيضا دورا مهما، في الواقع، تميل الجزيئات المعرضة للحرارة إلى التحريك والابتعاد عن بعضها البعض، وبالتالي، فإن الحجم الذي يشغلونه بأعداد متساوية يكون أكبر عندما ترتفع درجة الحرارة، فهذا ما يحدث للبحار التي ترتفع درجة حرارتها نتيجة الاحتباس الحراري، وبالتالي، إذا ارتفع مستوى المحيطات بحوالي خمسة عشر سنتيمترا خلال القرن الماضي، فإنه يرجع أكثر فأكثر إلى التمدد الحراري للمياه، هذا في الوقت نفسه ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار 0.6 درجة مئوية، مما أدى إلى تمدد الطبقة المحيطية لأول ألف متر بمقدار 15.6 سم، مما سيهدد العديد من المدن الساحلية العالمية في مقدمتها المدن الساحلية المغربية، حيث يتوقع العلماء أن نفقد المنطقة الرطبة المردة الزرقاء بمولاي بوسلهام كمعيار لفقدان العديد من الأوساط الطبيعية وفي مقدمتها المناطق الرطبة.
المهندس محمد بنعبو خبير في المناخ والتنمية المستدامة.