عيـــن عــــلى الإعـــــلام المغربــــــي

 

بقلم : وفاء قشبال              أرشيف ٢٠١٢

في رصد للمشهد الإعلامي ببلادنــا عـموما ،والإعــلام المـرئي على وجه الخصوص الواقع أنه يعاني من الابتذال والسفسطائية.

ومع نسيم الربيع العربي الذي أزهرت وروده ببلادنا مند 20 فبراير الماضي، نشطت صحافة” الاسترزاق”، وكثيرة هي الأقلام، التي سال مدادها في مقابل” التطبيل والنزمير” لهدا الطرف أو داك، وأحيانا كثيرة نراها تتجول بين الأطراف جميعها. والكثير من الأقلام الوازنة ـ فعلا ـ في مجال الصحافة المكتوبة بالتحديد، اليوم نجـدها تهلــل وتمجــد حركة

20 فبرايــر  وتصف صحافة الضفة الأخرى ب “البلطجية”، وبعد غد تسلط قلمها الـحاد      ضد الحركة عينها!!! . من الجلي جدا أنها أقلام من يدفع أكثر، ومن يخدم ويدافع على مصالحها الشخصية ليس إلا، بصيغة أخرى  “هي مع الرابحة” ،ليظل القارئ مشوشا تائها بين الرأي والرأي الآخر، وهنا السؤال: ما الجدوى من ألاف العناوين الصحفية ،إدا  كانت

لا تساهم في الكشف عن الحقيقة!!،من أجل تنوير الرأي العام بكل شفافية وحيادية!! ما هذا الزخم من الصحف ـ على تنوعها ـ، اليومية، الأسبوعية، النــصف شهــرية، الـشهــرية

الـدورية والـــسنـوية… المسـتقــلة منــها والحزبــيــة، الشاملـة والمتخــصصــة ، الورقــيـة والإلكترونية  إلــى غــيــر ذلك. كــل هـذا التــنوع “مـا محــله من الإعــراب”داخــل المشهد الإعــلامي المغربي؟

ومـا قــيل عن الصحافـة المكتوبــة، يصدق عن الصحافــة المرئــية.  فباســتثناء بداية تزايد

القنوات ببلادنا وظهور بعض القنوات ” المتخصصة” كقناة محمد السادس  للقران،والقنوات: الرياضية،الوثائقية والأمازيغية…وإن كان ذلك لا يزال لم يرقى إلى مستوى تطلعات” ليزمزيغ ”

إنما على العموم تبقى بداية  لابأس بها في انتظار المزيد . فعموم المغاربة غير راض  تماما على مستوى الإعلام الوطني ، خصوصا مع انفتاح  المغرب على ثقافات قنوات أخرى، بواسطـة “الباربول ثم الإنترنيت”، وبالـتالي فالمــشاهد المغربــي ـ من دون أن يشعرـ يجد نفسه في مقارنة قنواتنا، بالقنوات العالمية، كما يقارن مستشفياتنا بمستشفيات كبريات الدول في العالم، وهو أمر طبيعي ،إذ من حق أي مواطن أن يمني النفس بمشاهدة قناة وطنية أو مدرسة أو مصحة…أو منتخب، لما لا؟! من العيار الثقيل،وفي مستوى ما نــراه  ـ مـثلا ـ في الإعــلام الغربــي أو حتـى العربي،و إن كنا نتفق على أن هاته القنوات ترصد لها ميزانيات خيالية، بعيدة كل البعد عن ميزانية إعلامنا الوطني ككل،ومع دلك فالحق في الحلم والتطلع مكفول  ومشروع ،ولا يحجر عليه.

وبـتسليطنا الضوء على قنواتنا التلفزية، سنسلط بالضرورة المدفع الرشاش ضد القناتين الأولتين بالمغرب، والأكثر متابعة من لدن المغاربة في الداخل وفي الخارج.

وبـرصد بسيـط للقــناتين الأولى والثانـية، تجدهما صورة طبق الأصل، نفس الخطاب

نفس البرامج، وغياب بالتالي التنافسية الشريفة، لتقديم أفضل ما يمكن للمتلقي “المواطن”

الذي يرفض أن تسلبه الثقافات الأخرى هويته المغربية،وهو ما يفرض علينا جميعا ،احترام تمسك هذا المواطن القح ب ” التمغربيت ديالو “، ونجتهد بالمقابل في تقديم ، باقة من البرامج الراقية والمشرفة له. والعكس صحيح، قنواتنا ينطبق عليها عنوان: قنوات “طياب القلب” من يوم الاثنين مع “الخيط البيض”إلى مختفون يوم الخميس، مرورا ب ” أجي نتعاونوا ”

وحلقات برنامج “مداولة”، والوافد الجديد “فتح قلبك”. كلها برامج مشاكل اجتماعية واصطدامات عائلية، و ممارسات لا إنسانية، صحيح أنها من عمق المجتمع المغربي، إنما تبقى برامج  تشد أعصاب المشاهد، وترفع ضغطه، لماذا؟!!! .

ولتلطيف الأجواء، القناتين معا تسخران ترسانة من المسلسلات المكسيكية والتركية  بشخوصها الشبه عارية ومواضيعها الإباحية المشجعة على التسيب والتفسخ الأخلاقي.

والطامة الكبرى، في  بزوغ  جيل جديد مـن البرامج ، كـبرنامج “أخطر المجرمين” شخصيا لا أجد لها أي معنى، ولا أي تبرير، ولا  تـحقــق أي هـدف منـشود.والشــارع المغـربي اليوم يـتساءل، ما الغـاية مـن برنـامـج  ك ” أخـطـر المجـرمين”، بينما كان  من الأولى  والأفيد،لو يدرس لطلبة كليات ومعاهد الشرطة والدرك الملكي . فما هو برنامج تثقيفي، ولا تربوي،ولا تـرفـيهي…هل الهــدف منـه فـقط، تعليـم وتلقـين أبنائـنا طـرق وأسـاليب تنــفـيذ الخطط الإجرامية ؟!! . أبمثل هاته البرامج يلعب الإعـلام دوره في التوعية والتربية على المواطنة؟!!!. وتحـديـدا التوعية، التثقيــف، التعليم والتربية، لا تمر عبر التخويف والترهيب،بل  هناك أســاليب كثـيــرة ومتعـــددة لتنــوير الــرأي العـام وتوعــيته

بما يحـــدث  حوله مـن مشاكل، اصطدامات ، حوادث وجرائم فظيعة.

أمـا والهدف المنتظر إجمالا من هذا البرنامج، هو مجرد تحقيق أكبر نسبة مشاهدة، فالقناة الثانية تستحق ـ فعلاـ التهنئة،على هذا الإنجازالضخم،وكذلك الطاقم التقني للبرنامج،المتكون من: أخطر المعدين،أخطر المعلقين،أخطر المصورين وأخطر المخرجين….علـى برنامجهم

” اخطر المجرمين” الذي نجحوا من خلاله، في شد انتباه أعداد هائلة من شبابنا الضائع، بين أحضان”البولة الحمر”.

وإذ لا ننكر أن نسبة المشاهدة هي هاجس كل المنابر الإعلامية في العالم بأسره، على اعتبار أنه مقياس يعكس مدى تجاوب الناس وتفاعلهم مع برامجها المقدمة، و هي بالتالي  مقياس نجاح بالنسبة لها، لكن مع ذلك ،المنابر الإعلامية الــتي تحترم نفسها، لا تـفرط في رسالــتها النبــيلة كسلطة رابعة،ملقـاة على عاتقها ـأولا وأخيراـ مسؤولية نشر الحقيقة،التوعية التنوير، الإصلاح و التربية

شاهد أيضاً

“آخر المعجزات” نص مفتوح

عبده حقي أتجول بين كروم الوجود المتشابكة، حيث تتشبث المعجزات بحواف الواقع مثل الندى على …