عادات و تقاليد… نتاج فكر ذكوري متجاوز

وفاء قشبال ـ الرباط ـ أون مغاربية    

ماي 2012 الساعة  10:11:28

كثيرة هي العادات والتقاليد التي بخس قدرها، بل دفنت ونسي قبرها ، مع أننا في أمس الحاجة إليها، لما تحمله من معاني سامية وقيم أخلاقية نبيلة، بالمقابل نجد البعض يدافع عن عادات أخرى ويزكيها، مع أنها خالية من أي قيمة أخلاقية أو إنسانية . فقط ، كانت ولاتزال، عادات و تقاليد  مجحفة، اعتادت بل وجدت ـ في زمن ما ـ ، لتجعل من   المرأة ضحية لها . في حين ، يجد الرجل / الذكر ملاذه في هاته  العادات ، فتراه مستمسكا بها، ويعض عليها بالنواجذ كأنها العروة الوثقى، و ما هي إلا نتاج فكر ذكوري متعنت ، توثر العمل بها  عبر أجيال مضت.ومن المشين جدا أن يظل الذكر منهم وهو الوزير، الباحث، الأستاذ المحاضر و الصحفي….  مصمما على أن تظــل حياته تحت رحمة عادات وتقاليد بالية إن كــان بعضـها يصلــح، فجلها لـم يعــد صالحــا اليــوم، بعدما خرجــت الفتاة من الظلمات إلى الــنور بولوجها عالم التمدرس، منذ استقلال البلاد سـنة 1956 ، ومن البديـهي ـ بعد أزيـد من 54 سـنة مضت ـ   أن نسـتشعــر الـيوم، تـزايــد الـوعــي النسوي بمفهوم الحقــوق والواجبات ، وبصيغــة أخرى أصبحت المرأة اليوم تعرف مالها وما عليها،وأن لها الحــق في الاحــترام والكــلام،كــما لــها الحــق في التقدير والتعبير.  وباعتبارهـا كذلك مواطـنة صالحة، تشكل أزيد من 50 % من المجـتمع الآن، ينبغي أن  تـنال جميــع حقوقــها القانونــية والسياســية ـ  دون مـــيز أو تفـــضل من أحـــد ـ  كما يـــنص على ذلك الدســتور المغربــي ، وهو نفسه يقر ويعترف بالإسلام كديانة بالبلاد، وبالتالي حقها في المطالبة بتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في مقابل العدل والمساواة الربانية في بلــد مسلم، لا يـسيء لهــا كامــرأة مـسلمة فــي شـيء  ، بل بالعكس تماما ، فهي إساءة  في حق هؤلاء النساء ،ووصمة عار على جبين الدولة بكل مكوناتها.والغريب في الأمر أن  البعض يصف الحركة النسائية الحقوقية  بالقول : ” هاد العيالات  دليوم  دسرو ”  !!!  في حين  لا تطالبن إلا  بحقوقهن المشروعة.      ونعجب لأمر أولائك الذين يتشدقون بهاته العادات والأعراف المتجاوزة، بحجة أنها تدعم أطروحة القيم الإسلامية وتحافظ عليها، إلا أن شعارهم هذا ـ أي المحافظة عل القيم الإسلامية ـ هو نفسه حجة عليهم وما يرفعونه إلا لتغطية حقيقة أنانيتهم الـذكورية، التي تـبيح لـهم ممارسة نوع من السلطة ـ المرضية ـ على المرأة ليس إلا ، هذا فضلا عن كونهم هم أس الفساد ، ولا علاقة لهم البتة ، بالقـيم الإسلامـية و لا الإنسانية ، بل تحكمهم مشاعر نرجسية متسلطة ومتطرفة، تنزع إلى استضـعاف الـمرأة وطمـس كيانها أمام كيانه، في ضرب فاصح لذات القيم الإسلامية، التي يتعللون بها، والإسلام برئ منهم ، ومـن عادات شـاذة وضـالة تـقلـص مسـاحة الـمرأة لصـالح الـرجل ، وهو ما لم تعد المرأة اليوم تستسيغه، ومعها كل الحــق في ذلك، إذ ليــس عليها أن تلــغي عقـلها،وتتجـاهل كـرامتها، وتتـنازل عـن حقوقـها الشرعــيـة والقانونية،من أجل أن ترضي، فكرا ذكوريا متطرفا،وإنما الأصل أن يعود المتطرف إلى حظـيرة التوازن والاعتدال.  وهذا ما يفسر تزايد بعض المآسي الاجتماعية يوما بعـد يوم، من قبـيل الطـلاق ومـا يترتــب عنه ، وكـذا العـزوف عـن الزواج لـدى الجنــسين معــا .

ومــن هـذا المنظــور، فأصحـاب هـذا الفـكــر الذكوري، هم سبب هاته المفاسد الاجتماعية، وهم من يؤصـلون و يقـعـدون لخـلــق النـدية المزعــومة ـ عوض التكامل والتعـاون ـ ما بين الجنـسـين، والتــي ما فـتئت تتـحـول إلـى صــراع وكراهـية ونـفــور

وبالمـقابل ، ظهــور شـواذ لـدى الإنـاث والذكور مـعا، والعــياذ بالله، فـهـؤلاء الذكوريـون ـ المـرضـى ـ لا يملكون بعد نـظر، ولا ينـتبهون لما ستقودنا إلـيه أفـكارهم المتعصـبة للـنوع ـ الذكري ـ ،والأسـلم أن نعود إلــى العلاقات الشرعية والمتوازنة، الـتي تضـمن الـتالف والتـعايش في سـلام بين الرجل والـمرأة من أجل المحافظة على النوع البشري، على وجه هاته البسـيطة، وتحـت ظل الاحـترام المتبادل لحقوق بعـضهما البعض، واحترام كـل منهما لـخصوصية الآخر، مـن دون إفراط أو تفريط. أما عن العادات والتـقاليد، القـيم، الأخلاق… فهــي حـق أريـد به باطـل، ولا تـغـدو أن تـكـون مجــرد شـعــارات واهـية وببساطة شـديدة نـقول، ما صـلح لمـجتمع ما ، ليـس ملـزما لـمجتمع سـواه ،  ومن يدعـي عكـس ذلك “فـلغرض فـي نفس يعـقوب” لا محـال . ومـن باب الإنـصاف، فالـمجتمع المغربي لا يخلـو مــن الرجال والرجال قليل ، إنـما الرجـــل الحـقيقــي ، هــو مـن يحتــرم  ضعـــف الـمــرأة ـ عضليا ـ ولا يستـقـوي عـليـها ، يـقــدر فـكرهــا ولا يـلغــيــه،  و يجــل كرامتهــا ولا يحــقر منــها باختصار الرجل الحقيقي هو مكارم الأخلاق، وهي العملة النادرة في هذا الزمان.

شاهد أيضاً

“آخر المعجزات” نص مفتوح

عبده حقي أتجول بين كروم الوجود المتشابكة، حيث تتشبث المعجزات بحواف الواقع مثل الندى على …