بقلم : وفاء قشبال
قادتني الأقدار الأسبوع المنصرم للنزول بمسقط رأس الرحالة و المكتشف المغربي المغمور”سعيد بنحدو” الذي عاش بين 1500 و 1539 وعرف بأسماء كثيرة كمصطفى الزموري أو استيبان إلمورو، أو استيفان الأسود… ولمن لا يعرفه، فهو أول مكتشف مغربي تطأ رجله/ أوائل القرن السادس عشر/ مدينة سيبولا بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي دفن بها. و إلى اليوم ينظم السكـان المنحدرون من أصول إفريقية بولاية فلوريـدا مهرجانا سنويـا باسـم “استيبانيكو” و بمدينة”طكساس” وضع له تمثال برونزي بارتفاع مترين كواحد من بين 12 فارسا عبروا المنطقة في طريقهم لاستكشاف الجنوب الغربي لأمريكا…
إنها حاضرة “أزمور” الغنية بأوديتها (نهر أم الربيع) و شطئانها (الحوزية)و تربتها المعطاءة و تراثها اللامادي المتنوع(من العيطة الى الملحون،فالحياكة و الطرز و صناعة الزرابي و الجلباب… أزمور الزاهية بعبق تاريخها الراسخ على جدران أسوار مدينتها القديمة التي تحكي قصص و أحداث من زمن الاحتلال البرتغالي إلى عهد الحماية الفرنسية و بينهما تقف منطقة “القصبة” شاهدة على التعايش بين “الزموريين و اليهود المغاربة النازحين من الأندلس”
كما أنجبت أزمور ثلة من أولياء الله الصالحين وجلبت آخرين للاستقرار بها ما يفسر تعدد الأضرحة بها، من ضريح مولاى بوشعيب إلى عائشة البحرية بالاضافة لـ : سيدي يحيى،سيدي أبو النصر،سيدي محمد بن عبدالله،سيدي غانم،سيدي أحمد جبيلو سيدي علي بن غيث،سيدي علي واعلامو،سيدي عبدالودود،سيجي المخفي،سيدي المكي الشرقاوي،سيدي الجيلالي وللارقية الجيلالية.
أزمور كمنطقة حضرية ساحلية … وبكل ما ذكرناه عنها و ما لم نذكره الكثير و الكثير… من الوهلة الأولى تبوح لك عن كفاحها المتواصل من أجل البقاء و الصمود ومقاومة النسيان و الإهمال و التآكل أمام كبرى الحاضرات التي تحيط بها بدءا بالعاصمة الاقتصادية “الدار البيضاء” ثم العاصمة الدكالية”الجديدة” و لأن الله وهبها أم الربيع كما وهب مصر النيل ،فلا خوف عليها و على أبناءها وستظل تنبض بنقاء مياهها و ورع أولياء الله الصالحين المنتشرين بها. غير أنها بحاجة لمن يضخ دماء جديدة لنهضة جديدة تحيي ماضيها الجميـل، من خلال إصلاحات واستثمارات ومشاريـع متنوعة تجعل منها قبلـة مختارة للإقامة و السياحة “الروحية” و الاستثمار ة الإبداع..
في انتظار ذلك تبقى “أزمور” تعاني من الإهمال البيئي في أبرز تجلياته حيث انتشار الأزبال و الروائح الكريهة ، كتلك التي أرغمت ركاب القطار على قطع الأنفاس غير بعيد من انطلاقه من محطة ازمور باتجاه “بوسكورة” . المضحك في الأمر رغم الوضع المقزز أن يفاجئك تسجيل صوتي يخبر الركاب بدخول القطار محطة”النسيم” أي نسيم هذا و الروائح تزكم الأنفاس؟ !!! هذا دون الحديث عن الحالة المهترئة للقطار، ومشكل الاكتظاظ الذي جعل الركاب يقفون على رؤوس الجالسين منهم إلى غاية محطة”بوسكورة” أضف لذلك قلة سيارات الاجرة ،و سوء أوضاع الطرقات وسط المدينة، و عدم تعبيد المسالك و الممرات االتي تربط الأحياء الداخلية بالطريق الرئيسية وخاصة بضواحي محطة القطار،مع انعدام أعمدة الإنارة بها…
كل ذلك يعكس بالتأكيد سوء تدبير المجالس المنتخبة المتعاقبة وما خفي كان أعظم فإلى متى تظل صامدة وهل يأتيها من يبعتها من رمادها من جديد ؟