بعد 14 سنة، هل المندوب السامي للمياه و الغابات فوق التعيينات الملكية ؟

 

بقلم : محمد الهوشو

بعد استقبال و تعيين جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده لأعضاء الحكومة الجديدة و التي عين بها وزيرا و كاتبا للدولة مكلفين بقطاع المياه و الغابات و تم إلحاقه بوزارة الفلاحة و الصيد البحري حسب نص الظهير الشريف رقم 1.17.07 المؤرخ في 7 أبريل الجاري و الخاص بتعيين أعضاء الحكومة بعدما كانت مندوبية سامية تشرف عليه،  قام المندوب السامي للمياه و الغابات السيد عبد العظيم الحافي على إثر هذا التعيين بتسليم سلطته يوم الجمعة الماضي لكاتب الدولة السيد حمو أوحلي تحت إشراف وزير الفلاحة و الصيد البحري و التنمية القروية و المياه و الغابات، حيث قام بتوديع مجموعة من المسؤولين و الموظفين بعد  تربعه على كرسي المسؤولية لأكثر من 14 سنة على رأس هذا القطاع.

لكن المفاجأة كما أوردتها العديد من المنابر الإعلامية الالكترونية تتمثل في عودت المندوب السامي للمياه و الغابات يوم الإثنين لاستئناف عمله بشكل عادي على رأس المندوبية السامية للمياه والغابات، و توجيه رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى المدراء المركزيين والجهويين يخبرهم فيها بأن هناك قرارا ملكيا يقضي بفصل المياه والغابات عن الوزارة و كتابة الدولة والاحتفاظ بالمندوبية السامية للمياه والغابات بناء على تعليمات “مولوية” مشيرا أنه ستصدر قرارات رسمية في هذا الشأن في وقت لاحق دون أن يشير عن تفاصيل هذا القرار المفاجئ، و الذي من المرتقب أن يحدث خلخلة إدارية كبرى و تنازع اختصاصات وزير و كاتب للدولة عينهما جلالة الملك بالإسم و الصفة و مسؤول سامي عاد لعمله بعد تسليم سلطته.

ليأتي بعد ذلك بلاغ صادر عن المندوبية السامية للمياه والغابات التي كان عبد العظيم الحافي يرأسها قبل خروج الحكومة الجديدة لحيز الوجود، وإلحاق هذا القطاع بكتابة الدولة المكلفة بالتنمية القروية والمياه والغابات، يوضح أن الإرسالية التي تم توجيهها للمدراء المركزيين و الجهويين صدرت بصفة شخصية عن موظف ضمّنها معطيات لا تعكس إلا وجهة نظره الخاصة بخصوص وضعية المندوبية السامية للمياه والغابات، و أن هذا الموظف ليست له أي صفة للتحدث باسم المؤسسة وستتخذ في حقه الإجراءات القانونية اللازمة.

لكن صدور هذا البلاغ التوضيحي يؤكد أن المندوبية مازال لها وجود على أرض الواقع وأن الحافي مازال يرأسها ويباشر مهامه على رأسها و خصوصا توقيعه للوثائق ومن بينها البلاغ التوضيحي، مما يجعل تساؤلات عديدة و متعددة تحيط بوضعية المندوبية المذكورة خصوصا حول الصفة القانونية و الأساس الدستوري الذي يفعل الحافي به ذلك ؟ أم أن السيد المندوب السامي فوق هذا التعيين الملكي الصادر في الجريدة الرسمية يوم 7 أبريل 2017 ؟ أم أنه يتوفر على علاقات على مستوى عال جدا مكنته من إرجاع المندوبية إلى ما كانت عليه و لم يتصرف كرجل دولة عندما قام بتسريب الخبر ؟ أو أن هذا القرار ليس له أساس من الصحة وأن المؤسسة الملكية تم فقط إقحامها في هذا الموضوع ؟

أما إذا كان قرار استمرار تواجد هذه المندوبية صحيحا سيجعلنا نطرح تساؤلات كثيرة أخرى لن تتوقف عند حدود مستوى أدائها في تدبير القطاع الموكول لها وحصيلة عطائها وقياس مردوديتها، بل ستتعداه إلى مساءلة موقعها وانتمائها المشروع للمرحلة التي دخلها المغرب بعد اعتماد دستور 2011، والروح التي أرساها بتكريس مبدأ الديمقراطية كأرضية لكل تدبير عمومي، وحدد ربط المسؤولية بالمحاسبة كقاعدة ذهبية لكل إشراف على المرفق العام.

شاهد أيضاً

“آخر المعجزات” نص مفتوح

عبده حقي أتجول بين كروم الوجود المتشابكة، حيث تتشبث المعجزات بحواف الواقع مثل الندى على …